للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مبادلة، وليس القرض مبادلة على ما تقدم.

[ق ٣٠] ودفع الثاني بأن بينهما فرقًا، «لأن الزيادة في الجاهلية كانت بعد حلول الأجل لا في ابتداء العقد، والكلام في الزيادة التي تكون من أول العقد، وليس هذا من ذاك».

أقول: أما ما أبداه من الفرق في القياس الأول فهو حقٌّ، ولكنه عليه لا له، وبيان ذلك أنه إذا حرمت الزيادة وكانت ربًا في المبادلة ــ مع أن من شأنها في الجملة جواز المغابنة ــ فلأن يكون كذلك في القرض من باب أولى، لأن الشارع نزَّله منزلة العارية، فكما أن المستعير ينتفع بالعين المستعارة ويردُّها نفسَها، فكذلك نزل القرض، كأن المستقرِض ينتفع بعين الدينار المستَقْرَض ثم يردُّه نفسه، فمنعُ الزيادة في ردّ العين أولى من منعها في ردّ الغير، إذ من شأن الشيء أن يزيد على غيره وينقص عنه، وليس من شأنه أن يزيد على نفسه.

وجواب آخر، وهو أن القرض إنما يخرج من المبادلة ما لم يشترط زيادةً قدْرًا أو وصفًا، لأن المقرض إذا اشترط ذلك فقد ثبَّت أن الذي يطلبه مغايرٌ للذي يدفعه، وهذا مخالفٌ للتنزيل الشرعي الذي مبناه تنزيل العين المقْرَضة منزلة العين المعارة التي تبقى بعينها، حتى يردَّها الآخذ بعد انتفاعه بها.

ويبقى النظر في هذه المخالفة هل تعتبر لازمة للعقد فيخرج بها عن القرض وتبطل المعاملة، أو تعتبر خارجةً عن العقد فتبطل هي دونه؟ ذهب الحنفية إلى الثاني، وغيرهم إلى الأول. ولا خفاء في أن الشرط إذا أُلغي بقي العقد سالمًا من المبادلة، وإنما الكلام فيما إذا لم يُلْغَ الشرط، ولا ريب أن