العقد حينئذٍ مبادلة حتمًا، وقد قدَّمنا إيضاح ذلك، وهو بحمد الله واضح.
فنقول لصاحب الاستفتاء: إن أردتَ بقولك: «إن القرض ليس فيه مبادلة أصلًا عند الشارع» القرضَ الشرعي فمسلَّم، ولهذا جاز إقراض الذهب والفضة مع منع بيع الذهب بالذهب نسيئةً، والفضة بالفضة نسيئةً ونحو ذلك. وإن أردتَ القرض مع شرط الزيادة في القدر والوصف، فإن كان مع الحكم بإلغاء الشرط وإبطاله فمسلَّم أيضًا، وإن كان مع اعتباره كما تحاوله فباطلٌ قطعًا.
[ق ٣١] وأما ما أبداه من الفرق في القياس الثاني فليس بصحيح، لأن اتفاقهما عند حلول الأجل على أجل جديد بشرط الزيادة عقدٌ آخر، وعليه فهذه الزيادة في ابتداء عقد أيضًا، وهذا العقد الثاني قرض في المعنى بل هو هو. وقد صرَّح بعض الفقهاء بذلك، قال الدسوقي المالكي في «حاشيته على الشرح الكبير»(١) عند قوله: «وحرم في القرض جرُّ منفعةٍ» ما لفظه: «ومن ذلك فرع مالك، وهو أن يقول شخص لربّ الدين: أخِّر المدينَ وأنا أعطيك ما تحتاجه، لأن التأخير سلف».
بل أقول: إن هذا الفرق على صاحب الاستفتاء لا له، وبيان ذلك: أن المدين إذا لم يؤدِّ الدينَ عند حلول الأجل كان ماطلًا، وهو بذلك يُلحِق بالدائن ضررًا لم يرضَ به الدائن ولم يوقع نفسه فيه، فإذا حرمت الزيادة وكانت ربًا في هذا فأولى أن تكون كذلك في القرض المبتدأ، لأن المستقرض لم يقع منه حينئذٍ مَطْلٌ، والدائن يلحق بنفسه ضرر التأجيل باختياره. والمفاسد التي