للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدفع شبهة من قال إن المراد بالحديد القرآن، أن القرآن قد ذُكر قبل هذه الآية. قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)}.

وفي التعبير بالإنزال هنا إشارة إلى أن خلْق الله عز وجل الحديدَ من جنس إنزال القرآن، أي أنه أُريدَ به إقامة الدين، وسياق الآية يوضِّح ذلك، أي أنَّ مَنْ لم تُفِد فيه بَيّناتُ الرسل والكتاب، أفاد فيه الحديد، ولذلك قال عز وجل: { ... وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}. وهذا ظاهر بحمد الله.

فأما آية داود فالأمر فيها أظهر، لقوله عز وجل عقبها: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}. وجاء في الأحاديث ما يؤيِّد ذلك، وهو معروف أيضًا من التاريخ. وقد يقال: إنه متواتر.

وأشعار العرب في الجاهلية مستفيضة في نسبة الدروع إلى داود عليه السلام. وما صحَّ من تخفيف القرآن عليه، شيء آخر. والله أعلم (١).


(١) مجموع [٤٧١١].