للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان: ٣٢].

فتلك الآية في حقّ مَن يكون قد بلغه أن محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بها= حجة مكشوفة قاهرة، وكذلك هي في حقِّ من لم يبلغه لكن بمعونة الرعب والفَزَع وشدة الهول.

وقد دلت الآية على أنَّ من لم يكن آمن قبل تلك الآية لا ينفعه إيمانُه عندها، ومن لم يكن من المؤمنين قبلها يكسب الخير لا ينفعه كسبُ الخير عندها. وفُهِم من ذلك أن من كان مؤمنًا قبلها ينفعه الإيمان عندها، ومن كان من المؤمنين يكسب الخير قبلها ينفعه كسبُ الخير عندها. والنظر يقتضي أنه إنما ينفعه من كسبِ الخير عندها ما كان عادة له.

وفي "صحيح البخاري" (١) وغيره من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلُ ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا". وجاء نحوه من حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص (٢)، وأنس (٣)، وعائشة (٤)، وأبي هريرة (٥). وأشار إليها ابن حجر في


(١) رقم (٢٩٩٦). وأخرجه أيضًا أحمد في "المسند" (١٩٦٧٩) وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٢٣٠) والبيهقي في "الكبرى" (٣/ ٣٧٤) وغيرهم.
(٢) أخرجه أحمد (٦٤٨٢) وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٠) والدارمي (٢/ ٣١٦) والبخاري في "الأدب المفرد" (٥٠٠)، وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه أحمد (١٢٥٠٣، ١٣٥٠١، ١٣٧١٢) وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٣) والبخاري في "الأدب المفرد" (٥٠١). وإسناده حسن.
(٤) أخرجه النسائي (٣/ ٢٥٧).
(٥) أخرجه أبو داود (٥٦٤) والنسائي (٢/ ١١١) والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٠٨). قال الحافظ في "الفتح" (٦/ ١٣٧): "إسناده قوي". وسقط في إسناد الحاكم ذكر أبي هريرة، وهو ثابت في تلخيص الذهبي.