للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظانًّا أنَّ أجر ذلك فيه أعظم من غيره فهو مبتدعٌ.

وإنَّما نصَّ النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على يوم الجمعة لأنَّه مظنَّة أن يتوهَّم الناس فيه زيادة الأجر لفضيلته. ولذلك أكَّد - صلى الله عليه وآله وسلم - النهي عن صيامه، حتى لمن لم يتعمَّد تخصيصَه التماسًا لزيادة الأجر.

ولم يقل ذلك في يوم الثلاثاء مثلًا؛ فلو صامه أحدنا وحدَه غيرَ متعمِّدٍ للتخصيص، وإنَّما وقع ذلك اتفاقًا، ما كان بذلك بأسٌ.

نعم، لما كان في الأعمال المشروعة في الجمعة ما فيه حظٌّ للنفس شرع الله تعالى للأمة صيام يوم الخميس؛ ليكون الصائم له مستحقًّا لما يكون في يوم الجمعة من حظِّ النفس. ولا ينافي ذلك ما جاء من حكمة استحباب صوم يوم الخميس؛ بأنَّه يومٌ تُعرَض فيه الأعمال (١).

ومن ذلك يوم الاثنين؛ ففي «صحيح مسلم» (٢) عن أبي قتادة قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن صوم يوم الاثنين؛ فقال: «فيه وُلِدْتُ، وفيه أُنزِل عليَّ».

فشرع الله تعالى للمسلمين صيام يوم الاثنين؛ شكرًا على هاتين النِّعَمتين العظيمتين: ولادة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وإنزال القرآن عليه (٣).


(١) أخرجه الترمذي (٧٤٧) من حديث أبي هريرة، وفي سنده محمد بن رفاعة بن ثعلبة القرظي، لم يوثقه غير ابن حبان. ولكن للحديث شواهد منها حديث أسامة بن زيد الذي أخرجه أبو داود (٢٤٣٦) والنسائي (٤/ ٢٠١، ٢٠٢)، وبمجموعهما يرتقي الحديث إلى الحسن.
(٢) رقم (١١٦٢/ ١٩٨).
(٣) في هامش (ص ١) عبارة تناسب السياق المذكور هنا: «ولأنه لو فُتح هذا الباب لآل إلى تعميم الأيام، إذ لم يبقَ غيرُ خمسة أيام، وهي ما عدا الاثنين والخميس، وفي ذلك حرجٌ يؤدي إمّا إلى الاشتغال عن المصالح، وإمَّا إلى التهاون بالجميع».