للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو كانت يسيرةً جدًّا على (١) لا يظهر منها أثرٌ مَّا على الماء، فإنه بعيد في النظر أن تنجسه، فاستَحْضِرْ أن الله تبارك وتعالى أعلمُ منك وأحكمُ؛ فلعلَّه سبحانه عَلِمَ حِكْمَةً خَفِيَتْ عنك.

وإن وجدته حبَّ التيسير على نفسك فعِظْهَا واستحضر فناء الدنيا وبقاء الآخرة وغير ذلك.

وإن وجدته حبَّ التيسير على الناس فاستحضر أن ربهم أرحمُ بهم منك، وأن الخير لهم إنما هو في طاعة ربهم في العسر واليسر.

وإن وجدته حبَّكَ لإمامك أو شيخك لأن مذهبه عدم التنجس فاستحضر عدم عصمته، وأنك إنما كُلِّفْتَ بطاعة الله ورسوله، وإنما ينبغي لك البحث لتعرف ما هو أقرب إلى طاعة الله ورسوله فتتبعه.

فإن استطعت أن تردَّ نفسك إلى الاعتدال فانظر في المسألة ولا تنس مراقبة نفسك أثناء البحث فإنه قد يَعْرِضُ لها هوىً لم يكن قبلُ.

وإن لم تستطع فعلى الأقلِّ تَعَرَّفْ هواها وعامِلْها معاملة الخصم الأَلدِّ، فإذا لم يحصل لك من البحث إلا الرجحان النفسيُّ فلا تثق به، وإذا ظهر لك دليلٌ يوافق هواك فأمعن في تأمُّلِه والتفكُّر فيما يخدش فيه أو يعارضه كما تصنع في دليل خصمك، واستعن بمراجعة مَن يخالفك.

وتَفَقَّد المسائل الخلافية التي قد استقرَّ في نفسك الحكمُ فيها وترى أنه إنما استقرّ للحجة، فتدبَّرْ تلك الحجة، فإن وجدتها قاطعة كَنَصٍّ قاطعٍ يكون القدحُ فيه قدحًا في الشارع، أو كإجماع محقَّقٍ، كفاك ذلك، وإن وجدتَها


(١) كذا في الأصل، ولعلّها: "على ألّا"، أو "على" مقحمة.