للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللنسائي (١) من حديث عائشة: «فأخذته فصرعته فخنقته». ولا يقال قد ذكر في هذا الحديث أنه جاء ليقطع صلاته؛ لأنا نقول: قد بيَّن في رواية مسلم (٢) سبب القطع، وهو أنه جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهه، وأما مجرد المرور فقد حصل ولم تفسد به الصلاة.

وقال بعضهم: حديث أبي ذر مقدم؛ لأن حديث عائشة على أصل الإباحة. انتهى. وهو مبني على أنهما متعارضان، ومع إمكان الجمع المذكور لا تعارض. وقال أحمد: يقطع الصلاة الكلب الأسود، وفي النفس من المرأة والحمار شيء. ووجَّهه ابنُ دقيق العيد وغيره بأنه لم يجد في الكلب الأسود ما يعارضه، ووجد في الحمار حديث ابن عباس (٣) ... ووجد في المرأة حديث عائشة ... ».

يقول كاتبه: أما النسخ فلا وجه له لإمكان الجمع كما سيأتي. وأما تأويل القطع بنقص الخشوع فضعفه بيِّن؛ أولا: لمخالفته الظاهر.

وثانيًا: أنه لا اختصاص لنقص الخشوع بهذه الأشياء، بل ربما ينقص الخشوع بغيرها أكثر مما ينقص ببعضها.

وثالثًا (٤): تقييد الكلب بالأسود وتعليله بأنه شيطان.

ورابعًا: قد ثبت أن السُّترة تمنع القطع مع أنها لا تمنع نقص الخشوع إذا


(١) في «السنن الكبرى» (١١٣٧٥).
(٢) برقم (٥٤٢) من حديث أبي الدرداء.
(٣) أخرجه البخاري (٤٩٣) ومسلم (٥٠٤).
(٤) الأصل: «وثانيًا»، سبق قلم.