للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت حَرْبة مثلًا، فكيف إذا كانت خطًّا ــ لو صحَّ حديثه (١) ــ؟

وأما كون الشيطان لا يقطع الصلاة مطلقًا فلا دليل عليه؛ فإنه من الجائز أن يقول الشارع: يقطعها إذا مرَّ وكان يمكن المصلِّي منعُه بلا مشقَّة، ولا يقطعها فيما عدا ذلك. فالذي يجيء بعد التثويب بالصلاة لا يقدر المصلِّي على منعه، وكذا الذين يدخلون من الفُرَج كأنهم الخذف، فإنه تكثر المشقة في دوام إلصاق المصلِّي رجليه برجلَي رفيقه، مع احتمال أن يجاب عن هذا بأن سترة الإمام سترة من خلفه كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى.

وأما الشيطان الذي عرض للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فكان بغير تقصير من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الاحتراز، بل دفعه حتَّى ردَّه خاسئًا كما في الحديث. ومجيء الشيطان بالشهاب من النار يحتمل أنه أراد أن يخوِّف النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - به لعلَّه يشتغل عن دفعه. والظاهر أن ذلك الشهاب تخييل، لا أنَّ هناك شهاب (٢) حقيقة بحيث لو أصاب لأحرق. والله أعلم.

وقد يقال: إن القاطع هو المرور، ولم يجئ في الحديث أن الشيطان مرَّ من جانب إلى آخر، وإنما فيه أنَّه وُجِد أمام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فردَّه خاسئًا.

وأما حديث ابن عبَّاس في قصَّة الأتان فواقعة حال تحتمل عدَّة وجوه:


(١) أخرجه أحمد (٧٣٩٢)، وأبو داود (٦٨٩)، وابن خزيمة (٨١١)، وابن حبان (٢٣٦١). وفيه أبو عمرو بن محمد بن حريث، وهو مجهول. وقد قال الإمام أحمد ــ كما في ترجمة أبي عمرو في «تهذيب التهذيب» (١٢/ ١٨١) ــ: [حديث] الخطِّ ضعيف.
(٢) كذا في الأصل، والوجه النصب.