للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شهودُ اليقين. ومن ترخَّص في السُّنن سهَّل له الشيطانُ تركَ الفرائضِ العظام.

واعلموا أنَّ كلَّ ما فرَضَ الله تعالى عليكم أو نَدَبه، وكلَّ ما حرَّمه أو كرَّهه، فقد جعل في اتباعِ أمرِه الصَّلاحَ والفلاحَ، وجعل في مخالفته الهلاكَ والطَّلاحَ؛ والإنسانُ مخيَّر بين سبيلِ الفوز وسبيلِ الانتقام. فمن اتبع رضوانَ ربِّه بفعلِ الفروض والمندوبات، وتركِ الحرام والشبهات، فقد استحقَّ مزيدَ الإكرام. ومن أرداه الشيطانُ، فخالفَ أمرَ ربِّه، ولم يستعصِمْ عن أدواء لسانِه وجوارحِه وقلبِه، فقد أوقعَ نفسه في مهالك الظلام.

وإنَّ من المهالك السبَّ والشتمَ، والطعنَ واللعنَ، والهمزَ واللمزَ، والغيبةَ والنميمةَ، والعُجبَ والكِبْر والحسدَ، والحبَّ والبغض في غير الله، والطمعَ والجشعَ= فكلُّها وخيمة. واللهوَ واللعبَ، واللغوَ والكذب، وطموحَ النظر والقلب= فكلُّها من خصوم الإسلام.

وإنَّ من أطاع الله تعالى، فأدَّى فرائضَه، واجتنب محارمَه، ولم يقصِّر في فعلِ المندوب واجتناب المكروه= فهو عبدُ الله ووليُّه. ومن اجتهد في الطاعة وحمل نفسَه المشاقَّ، فهو حبيبُه وصفيُّه، وكان من الآمنين يومَ الفزع الأكبر، الموسَّع عليهم يومَ الزِّحام.

الحديث: قال - صلى الله عليه وسلم - : "الحلالُ بيِّن، والحرامُ بيِّن، وبينهما مشتبهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناس. فمن تركَ الشبهاتِ فقد استبرأ لديِنه وعِرضِه. ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يُوشِكُ أن يقع فيه. ألا، وإنَّ لكلِّ ملِك حمًى، ألا، وإنَّ حِمى الله محارمُه" (١).


(١) تقدَّم في الخطبة الخامسة.