الطبقة الثانية: مَنْ لم يبلغ تلك الدرجة، وقد وثَّقه بعض الأئمة.
فهذا ينبغي التوقُّف عما يرويه موافقًا لهواه، ولاسيما إن كان داعية، فإن الداعية تكثر منه الخصومة، والخصومة توقع في اللجاج، واللجاج مظنة المجازفة.
فقد يتأوّل أحدهم إذا لج أنه لا حَرَج عليه في أن يكذب لنصرة ما هو الحق عنده، وقد لا يشمل الكذب، ولكن يورِّي تورية خفيَّة، ويدلِّس تدليسًا خفيًّا، وإن كان ممن يتقي التدليس في غير ذلك.
فأما الطبقة الأولى فلا يُعْرَف أحد منهم كان يخاصم ويلجّ.
الثالثة: من لم يوثق.
فهذا أولى بالاتهام، فإن كان ممن يصلح للمتابعة في الجملة، فالصالح من حديثه للمتابعة هو ما لا يُتَّهم فيه.
وبهذا أجبتُ لمَّا حُكِي لي عن بعض المتأخرين ــ ممن كان يُظهر التشيع بلا غلوّ شديد ــ أنه ناظر بعضَ العلماء من أهل السنة، واحتج بأحاديث.
فأجابه السنِّي: أنها ضعيفة؛ لأن في أسانيدها مَنْ ضعَّفه الأئمة.
فقال: إنما ضعفوه بأنه كان يتشيّع، فلي الحق أن أردّ الأحاديث التي تحتجّون بها؛ لأن في رواتها من كان يُظهر النصب، فإن ما تسميه أنت تشيعًا، أقول أنا: هو السنة في الحقيقة، وما تسميه أنت مذهب أهل السنة، أسميه أنا: نصبًا، وأقول: هو البدعة في الحقيقة.