للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فقال ذلك العالم السني: إذن يسقط الاحتجاج بالأحاديث من الجانبين. هذا معنى الحكاية.

وعلى ما قدمتُه لا تسقط الأحاديث بحمد الله عز وجل، ولكن الإنصاف أن لا يحتج على المتشيع بأحاديث الطبقة الثانية ممن عرفوا بالسنة ولا يحتج هو بأحاديث الطبقة الثانية ممن عرفوا بالتشيُّع.

فإذا وافق على هذا، وكان الإنصاف، فما أسرع ما يكون الاتفاق، وإن أبى فقد سقطت شبهتُه، وظهرَ عنادُه.

وقد ذكرتُ هذا لبعض أهل العلم، فقال: وكيف يكون الرجل عدلًا في شيء، وغير عدل في شيء؟

والجواب: أن العدالة تتفاوت قوة وضعفًا، كما لا يخفى.

[ص ٣٤] وقد جاء عن شريك أن رجلًا ادّعى على آخر عنده بمائة ألف دينار، فأقر، فقال: أما إنه لو أنكر لم أقبل عليه شهادة أحدٍ بالكوفة إلا شهادة وكيع وعبد الله بن نُمير (١).

يعنى أن المال عظيمًا (٢)، فلا تنتفي تهمة الشاهد فيه حتى يكون عظيم


(١) القصة في "تاريخ بغداد": (١٣/ ٤٩٩). وقد حكم عليها المؤلف بالانقطاع، وأجاب عنها بأنها "لو ثبتت لوجب حملها على أن مراده القبول الذي تطمئن إليه نفسه، فإن القاضي قد لا يكون خبيرًا بعدالة الشاهدين وضبطهما وتيقظهما وإنما عدّلهما غيره، فإذا كان المال كثيرًا جدًّا بقي في نفسه ريبة ... ". انظر "التنكيل": (١/ ٦٩) و"تعزيز الطليعة" (ص ١٣٢ - ١٣٣) للمؤلف.
(٢) كذا والوجه "عظيم".