للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدالة، ولو كان ألف دينار فقط لكان بالكوفة يومئذٍ ألف عدل أو أكثر ممن تنتفي التهمة بشهادة رجلين منهم فيه.

وذكر الشافعي في "الأم" أنه ينبغي للقاضي إذا سأل عن الشهود مَنْ يطلب منه بيان حالهم أن يبين للمسؤول مقدار ما شهدوا فيه، قال: " فإن المسؤول عن الرجل قد يعرف ما لا يعرف الحاكم من أن يكون الشاهد ... وتطيب نفسه على تعديله في اليسير، ويقف في الكثير " الأم (٦/ ٣٠٩) (١).

وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: ٧٥].

يعني أن منهم من هو عظيم الأمانة حتى لو ائتمن على قنطار لأداه، ومنهم من هو ضعيف الأمانة حتى لو ائتمن على دينار واحد لخان فيه. والقنطار المال العظيم، جاء عن الحسن البصري: أنه ملء مَسْك ثورٍ ذهبًا (٢).

وغالبُ المسلمين تطيب أنفسُهم ببذل الزكاة المفروضة، والسفر للحج، والقتال في سبيل الله عند رجاء السلامة، ولو كُلِّفوا أعظم من هذا ما فعله إلا قليل.

قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا


(١) (٧/ ٥٠٨).
(٢) ذكر القول في "تفسير الطبري": (٥/ ٢٥٩) و"تفسير ابن المنذر": (١/ ٢٥٩) لكن منسوبًا إلى أبي نضرة العبدي.