للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضية مكشوفة إلا أنها صادفت هوًى في نفوس بعض الحنفية، فصار بعضُ مؤرخيهم وجامعي طبقاتهم ومناقبهم يذكرون مسعود بن شيبة وينقلون من ذاك الكتيب. فاضطُرَّ الحافظ ابن حجر إلى أن يقيم لذلك وزنًا ما، فقال في «لسان الميزان» (١): «مسعود بن شيبة ... مجهول لا يُعرف عمن أخذ العلم ولا من أخذ عنه، له مختصر سماه «التعليم» كذب فيه على مالك وعلى الشافعي كذبًا قبيحًا ... ».

فيجيء الأستاذ الذي يصف نفسه كما في لوح كتابه الذي طبع بتصحيحه ومراجعته بأنه «الإمام الفقيه المحدث، والحجة الثقة المحقق، العلامة الكبير صاحب الفضيلة مولانا الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية سابقًا»، فيحتج بذاك الكتيب المسمى بـ «التعليم»، ويذكر مسعود بن شيبة كعالم حقيقي. ويزيد على ذلك فيقول في حاشية (ص ٣) من «التأنيب»: «وابن شيبة هذا جَهِله ابن حجر فيما جهل مع أنه معروف عند الحافظ (؟ ) عبد القادر القرشي، وابن دقماق (٢) المؤرخ، والتقي المقريزي، والبدر العيني، والشمس ابن طولون الحافظ، وغيرهم. فنَعُدُّ صنيعَ ابن حجر هذا من تجاهلاته المعروفة لحاجة في النفس، وقانا الله اتباع الهوى».

كذا يقول هذا الظالم لنفسه، وهو يعلم حقَّ العلم أن هؤلاء الذين سمَّاهم ــ وكلُّهم متأخرون ــ لم يعرفوا إلا ذاك الكتيِّب، فتجاهلوا حاله، وذكروا مسعود بن شيبة بما أخذوه من ذاك الكتيب. فإنْ كانت هذه معرفة،


(١) (٨/ ٤٦).
(٢) (ط): «دقاق» تحريف.