للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشافعي رحمهما الله تعالى ــ إلى المعنى الذي قررناه أولًا، أعني أن كلاًّ منهما يغني غناء الآخر في الجملة، فصار بيع أحدهما بالآخر نساءً في معنى الذهب بالذهب نساءً، والفضة بالفضة نساءً، وذلك في معنى القرض، فتحقق فيه الربا؟

أما الشافعي فلم ينظر إلى هذا حتمًا، فإنه أجاز بيع الشيء بآخر من جنسه نساءً في غير الذهب والفضة والمطعومات، وذلك كالحديد بالحديد، والنحاس بالنحاس، وغير ذلك، فإذا لم يعتد بالمماثلة، فكيف يعتد بالمقارنة؟ أعني أن يغني أحدهم غناء الآخر.

وجعل العلة في الأربعة الباقية هي الطعم، ووسَّعه حتى منع بيع البر بالسقمونيا. ولا يخفى أن النسبة بينهما التباين، فإن البرّ قوتٌ، والسقمونيا مُسهِّل.

[ص ٣٧] وأما مالك فقد ظن بعض المحققين من أصحابه أنه نظر إلى المعنى الذي قررناه؛ لأنه يحرِّم البيع نساءً في ما إذا اتفق العوضان في الجنس، ولو في الثياب والآنية وغيرها.

وأكد ذلك أنه يشترط مع الاتفاق في الجنس الاتفاق في المنفعة المقصودة، فأجاز بيع البعير النجيب بالبعير من حاشية الإبل، وهذا يدل أنه نظر إلى المعنى الذي قدمناه.

وجعل العلة في الأربعة الباقية هي القوت مع الادّخار، وفسر بعض أصحابه ذلك بأن البر والتمر لما اتفقا في المنفعة المقصودة، وهي القوت مع الادخار، صارا كالجنس الواحد، فأما البر والشعير فإنه جعلهما جنسًا واحدًا حتى لا يجوز تبايعهما نقدًا إلا مثلًا بمثل.