للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرئي حق بحسب حقيقته، وأما بحسب صورته والتي هي الأمر فلا؛ لأنه قد يكون مؤوَّلاً معبرًا، فقد يكون المراد بالأمر النهي وهكذا، كما يعبر البكاء بالسرور، والضحك بالحزن، فاتضح الحق وزال الإشكال ولله الحمد.

وإذا كانت رؤيا الأنبياء عليهم السلام تحتاج إلى تعبير وتأويل يخالف صورتها المرئية كما في رؤيا يوسف عليه السلام وبعض مرائي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، مع أن رؤيا الأنبياء حق قطعًا = فغيرهم من باب أولى، والله الموفق (١).

الحمد لله.

ومثل هذا سائر الطرق التي يُستدلّ بها على المغيبات كالرمل والتنجيم والجفر والفأل و ... (٢) وتصرف الأرواح المربَّاة بالرياضة في حال اليقظة، وغير ذلك، فغالبه إشارات ورموز تحتاج إلى تأويل. ومن هذا ما يقع للمحدَّثين من هذه الأمة فغالبه من باب الإشارة والرموزِ والأمورِ الإجمالية؛ ولهذا كان إمام المحدَّثين عمر بن الخطاب قد يخطئ وينسى ويسهو ويتحيَّر في كثير من الأشياء، ولم يكن ظنه حجة، إلى غير ذلك. ومما يدل على ذلك رؤيته - صلى الله عليه وآله وسلم - ليلة الإسراء اللبن والعسل والخمر، فليست بلبن وعسلٍ وخمرٍ حقيقة، وإنما هي إشارة إلى أمور أخرى، فاللبن هو الفطرة كما ورد، وهكذا (٣).

* * * *


(١) للمؤلف بحث مطول عن الرؤيا والاحتجاج بها ضمن كتابه «تحقيق الكلام في المسائل الثلاث» (ص ٣٢٨ وما بعدها).
(٢) كلمة مطموسة تفشى فوقها المداد فلم تظهر. ولعلها: «الطَّرْق أو الطيرة».
(٣) مجموع [٤٦٥٧]. وانظر رسالته في تأييد السوركتي.