قوله:«إنا نعرف جهة الصوت ونحزر بُعدَ مسافته ... » إلخ.
الجواب: أن الأذن تميز بين الأهوية التي تقرعها قوة وضعفًا وكيفيّةً، وذلك أن للصوت الذي يكون من مصوت بعيد كيفيةً غير كيفية الذي يكون من قريب، ألا ترى أن بعض الناس يريد أن يغالط السامع القريب منه فيوهمه بأنه يصوِّت مِن بُعْد فيمكنه ذلك بأن يخرج صوته على كيفية غير الطبيعية. وهكذا كل مصوِّت من المصوِّتات لصوته العالي كيفية غير كيفية صوته الأدنى، ومن هنا استطاع السامع أن يعرف جهة الصوت ويحزر بُعد مسافته.
أما معرفة جهته، فلأَنَّ الجهة إذا كانت مسامتة للأذن كان سماع الأذن للصوت على طبيعته مِن ذلك البُعد، فتعرف أن هذا الصوت من الجهة المسامتة لها. وإن كان من غير المسامتة، كان سماع الأذن له ضعيفًا نوعًا ما، مع أن كيفيته الدالة على المسافة بحالها، فتعرف الأذن أنه من جهة غير المسامتة، وتقدرها بقدرها.
وأما معرفة المسافة، فلِمَا ذكرنا أن للصوت كيفياتٍ متعددةً بتعدد المسافات. وقد يستطيع الإنسان أن يتكلَّف إيقاع بعضها في موقع غيره كما مر، وهذا مثلما أنَّ لصوت كل إنسان من الناس كيفيةً يمتاز عن صوت غيره، والسمع يميز بين ذلك، وقد يتكلف بعض الناس تقليد صوت غيره فيتم له ذلك.
قوله:«واستظهر بعضهم ... » إلخ.
قد بينَّا أن الصوت يسري في الأجسام كما يسري في الأهوية، ولكن