للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهنّ حقيقةً، أي تكره لهن ذلك؟ ويحملها على تلك الكراهية كمال حيائها الطبعي، ولاسيما وهي يومئذ جارية صغيرة السنّ في عنفوان الحياء الطبعي.

وقد حمل الحياء الطبعي أم سلمة ــ وهي يومئذ امرأة كبيرة ــ أن استحيت من سؤال المرأة للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هل تحتلم المرأة؟ حتى غطَّت وجهها وقالت ما قالت (١).

في «البخاري» (٢) باب عرض المرأة نفسها: عن ثابت قال: كنت عند أنس وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقلَّ حياءَها! واسوءتاه! واسوءتاه! قال: هي خير منك، رغبتْ في النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعرضت عليه نفسها.

ثم قول عائشة في الحديث: «وأقول: هل تهب المرأة» الخ، يحتمل احتمالًا قويًّا أنها إنما كانت تقوله في نفسها، وإنما ذكرتْه هنا إيضاحًا لسبب غيرتها عليهن.

وعلى هذا، فلا وجه لما قاله الطِّيبي، لما فيه من الخروج عن الظاهر، ونِسْبة أم المؤمنين أنها كانت تعيب ذلك الفعل، مع اعتقادها طبعًا وديانة أنه غير معيب.

أمّا ما قاله القرطبي، فإن أراد بقوله: «وسبب ذلك القول الغَيرة» إلخ،


(١) أخرجه البخاري (١٣٠). وفيه أنها إنما استحيت من سؤال المراة: «هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ » فغطَّت وجهها وسألت هي: «أو تحتلم المرأة؟ ».
(٢) رقم (٥١٢٠).