علم الله عز وجل منه أنه يموت على كفره فإنه يجزيه بها في الدنيا موفَّاةً بلا بخس. فإذا جاء يوم القيامة لم يكن له حسنة. قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥ - ١٦].
وقد تقدّم صريحًا (ص ١٦٠)(١) في حديث مسلم عن أنس.
وحينئذ يقال لهم:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا}[الأحقاف: ٢٠].
وإن علم الله عز وجل أنه يؤمن جزاه بها في الدنيا وفي الآخرة كما في حديث حكيم.
فإن قيل: قد تكثر أعمال الخير من الكافر جدًّا ويقلُّ جزاؤه في الدنيا.
قلتُ: إن الله عز وجل يحاسب الكافر بجميع النعم التي أنعمها عليه من الخلق والسمع والبصر والقوة وغير ذلك. فإذا نظر إلى هذا علم أن أقل نعمة من هذه النعم تفي بجميع الأعمال.
فأما المؤمن فإن الله عز وجل فضلًا منه يُسامحه من هذا الحساب.
وربما إذا كثرت أعمال الخير من الكافر يوفقّه الله تعالى للإيمان.
(١) من كنَّاشة الشيخ، ولفظ الحديث: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة؛ يُعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يُجزى بها». «صحيح مسلم» (٢٨٠٨/ ٥٦).