رجل حتى جلس بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ونحن عنده فقال: يا رسول الله أما السَّلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلِّي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا ــ صلى الله عليك ــ؟ قال: فصَمَت حتى أحببْنا أن الرجل لم يسأله، ثم قال: إذا صليتم عليَّ فقولوا ... ».
وحملوا قوله «في صلاتنا» على ذات الركوع والسجود، وهو محتمل كما أنه يحتمل أن يكون المراد: في صلاتنا عليك؛ كأنه قال: كيف نقول في صلاتنا عليك؟ وربَّما يؤيِّده جوابه - صلى الله عليه وآله وسلم - بقوله:«إذا صليتم عليَّ فقولوا»، ولم يقل: إذا صلَّيتم عليَّ في صلاتكم ...
وعلى كلِّ حال، فلا دلالة فيه على الوجوب فضلًا عن الركنيّة؛ فإن قوله:«إذا صلَّيتم عليَّ» معناه: إذا أردتم الصلاة عليَّ، فقوله:«فقولوا» أمر إرشاد وتعليم لتعليقه على إرادتهم. وأيضًا فكونه تعليمًا لسائل التعليم ظاهر في كونه إرشادًا فقط.
واستدلُّوا أيضًا بالآية، والأمر للوجوب.
وأجيب بتسليم الوجوب، ولكن لا تتعيَّن الصلاة. كما أن الله عز وجل أمرنا بالاستغفار، ولم يقل أحدٌ: إنه ركن من أركان الصلاة.
ويظهر لي وجهٌ آخر وهو أن قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ}[الأحزاب: ٥٦] معناه: ادعوا له، وفي التشهُّد الدعاء له:«السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته».
وإن ادُّعي أن قوله:{صلُّوا} أراد به: انطقوا بلفظ الصلاة.