والثاني: خوف المبالغة في تعظيمه، فيفتتن كما افتتن اليهود بالسبت والنصارى بالأحد.
والثالث: أن سبب النهي خوف اعتقاد وجوبه.
والرابع: أن يوم الجمعة يوم عيد فلا يصام فيه، وقد ورد:«يوم الجمعة يوم عيدكم فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم»(١). وهذا الوجه أحسن الوجوه لأنه منطوق الحديث». اهـ اللمعات مختصر.
يقول كاتبه: كلٌّ من هذه الوجوه فيه نظر:
أما الأول: فلأنه إنما يحتمل لو كان النهي عن صوم يوم الجمعة وقيام ليلتها مطلقًا، وليس الأمر كذلك. وإنما النهي عن التخصيص؛ فلو صام يوم الخميس جاز أن يصوم يوم الجمعة، وكذا يجوز أن يصوم يوم الجمعة إذا كان يريد أن يصوم يوم السبت، كما هو منطوق الحديث، وخوف الضعف حاصل فيه.
وأما الثاني، فلأن مجرد التخصيص بالصيام والقيام لا يؤدي إلى الفتنة. ونحن مأمورون بتخصيص يوم عاشوراء بالصيام، وبتخصيص شهر رمضان
(١) أخرجه أحمد (٨٠٢٥) وابن خزيمة (٢١٦١) والحاكم في «مستدركه» (١/ ٤٣٧) من طريق أبي بشر، عن عامر بن لدين الأشعري، عن أبي هريرة مرفوعًا. قال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يُخرجاه، إلا أن أبا بشر هذا لم أقف على اسمه»، وتعقّبه الذهبي بقوله: «قلتُ: هو مجهول، وشاهده في الصحيحين». يعني ما ورد في الصحيحين من النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام.