وكان القاسم بن محمد، وابن [ص ١٥٨] المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن يحرمون بيع اللحم بالحيوان عاجلًا وآجلًا يعظمون ذلك ولا يرخِّصون فيه.
قال: وبهذا نأخذ، كان اللحم مختلفًا أو غير مختلف، ولا نعلم أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خالف في ذلك أبا بكر. وإرسال ابن المسيب عندنا حسن.
قال المزني: إذا لم يثبت الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فالقياس عندي أنه جائز، وذلك أنه كان فصيل بجزور قائمين جائزًا، ولا يجوزان مذبوحين لأنهما طعامان لا يحل إلا مثلًا بمثل، فهذا لحم وهذا حيوان وهما مختلفان، فلا بأس به في القياس إن كان فيه قول متقدِّم ممن يكون بقوله اختلاف، إلا أن يكون الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ثابتًا فيكون ما قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -».
أقول في هذا الباب فوائد:
١. قول الشافعي:«وإرسال ابن المسيب عندنا حسن» فيه بحث مشهور، وقد اشتهر أن الحسن إذا جاء في كلام المتقدمين لا يُراد به الحسن في اصطلاح المتأخرين، بل يُراد به الحسن اللغوي، فيكون المراد هنا أن إرسال ابن المسيب قويٌّ بالنسبة إلى إرسال غيره. وهذا لا يستلزم الاحتجاج به. وإنما احتجَّ به هنا لما عضده من قول الصدِّيق وغيره، وكونه لم يعلم مخالفًا لذلك.
ويحتمل أن يكون الشافعي أراد بقوله:«وإرسال ابن المسيب عندنا حسن» = إرساله هذا الذي ذكره في الباب، أي أنه حسن لاعتضاده بما ذكر. والأول أولى.