للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* وأمّا التحليل، فإنّ مذهب الشافعي ــ رحمه الله تعالى ــ جوازه إذا لم يُشْتَرط في صلب العقد.

وكثيرٌ من الأئمة يحرّمه، ودليلهم الحديث الصحيح أنّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ » قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «هو المحلل»، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لعن الله المحلِّل والمحلَّل له» (١).

والحديث عامٌّ، فقَصْرُه على ما إذا كان بالشرط في صُلب العقد مفتقر إلى دليل، ولم يذكروا دليلاً ظاهرًا في ذلك.

وظاهر الحديث يأباه جدًّا، فإنّه علَّق الحكم بالمحلّل، وقد تقرَّر في أصول الفقه وعلم البيان أنّ تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعِلِّيّة ما منه الاشتقاق، فتكون العلة هنا هي التحليل من حيث هو تحليل.

فأمّا شرط الطلاق في صلب العقد فإنّه حرام، سواء أكان نيّته التحليل أو غيره، كما لو كانت بكرًا.

وقد روى الحاكم في «المستدرك» (٢) ــ وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأقرّه الذهبي ــ عن نافع قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن


(١) أخرجه ابن ماجه (١٩٣٦)، والحاكم: (٢/ ١٩٨)، والبيهقي: (٧/ ٢٠٨) من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه. والحديث حسَّنه عبد الحق الإشبيلي، وصححه شيخ الإسلام وابن القطّان وقوَّاه الزيلعي. انظر «نصب الراية»: (٣/ ٢٣٩ - ٢٤٠)، و «التلخيص»: (٣/ ١٩٥).
(٢) (٢/ ١٩٩). وأخرجه البيهقي: (٧/ ٢٠٨)، وأبو نعيم في «الحلية»: (٧/ ٩٦).