فدخل الدار وخاط فيها. قالوا: فإنه لا خلاف أن العبد قد فعل ما أمره به سيِّده من الخياطة، وإن كان قد عصاه في دخول الدار.
وأقول: إن هذا الإلزام مغالطة لوضوح الفرق؛ فإن المأمور به في المثال ــ وهي الخياطة ــ ليست كالمأمور به في صورة المسألة، وهي الصلاة. وذلك أننا نعلم أن السيد إنما أمر عبدَه بالخياطة لتحصيل مطلوبه، وهو خياطة الثوب، وقد حصل تامًّا بلا نقص حتى لو لم يقصد العبد امتثال أمره، وإنما قصد التمرُّن على الخياطة مثلًا، أو مباهاة خائطٍ آخر أو غير ذلك.
وليس الصلاة كذلك؛ فإن حصول صورة أفعالها لا يستلزم حصولها، فلو صلَّى الرجل بنيَّة حكاية مُصلٍّ آخر على سبيل السخرية منه، أو يقصد الحركات الرياضية = لم يُعد مصلِّيًا.
والحاصل أن الخياطة مصلحة محسوسة محدودة. والمفروض في المثال أنها وقعت تامَّةً كاملة من كلِّ وجه.
وأما الصلاة فإنما هي عبادة، الغالب فيها أمر معنوي، وهو الطاعة، ولا يُحكم بتمامها إلا إذا وُجد هذا المعنى أيضًا. ووجود هذا المعنى هو المنازَع فيه.
وأما الإجماع فقالوا: إن الغصب لم يزل معروفًا في الأمَّة، ولم يُنقل عن أحد من السلف أنه كان يأمر الغاصبين بقضاء الصلوات التي صلَّوها في الأمكنة المغصوبة.
وأجيب عنه بأن الإمام أحمد بن حنبل يرى بطلان الصلاة ويمتنع أن يجهل هذا الإجماع.