للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٢٩٦] أوَ لا تعلم أن النصارى إذا عظَّموا صلبانهم لا يعتقدون في الصليب نفسه شيئًا أكثر من أنه تذكار للمسيح، فتعظيمه تعظيم للمسيح، وهكذا إذا عظَّموا صورة المسيح أو صورة مريم عليهما السلام؟

أوَلا ترى لو أن رجلًا رأى صورة رجل من العظماء كصورة الزعيم المصري الشهير سعد زغلول (١) فقبَّل الصورة أو وضعها على رأسه أن العامة يعدُّونه إنما يحترم سعد زغلول نفسه؟

أوَ لا ترى لو أن رجلًا رأى صورة نعلي النبي - صلى الله عليه وسلم - أو صورة البُراق فقبَّلها أو وضعها على عينيه ورأسه أو علَّقها في جدار بيته أو نحو ذلك أن العامة لا يرتابون أنه إنما يحترم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟

ولعلَّك قد وقفت على الأسطورة الحاكية أنَّ بعض الصحابة ذهب رسولًا من بعض الخلفاء إلى ملك الروم فأراه ملك الروم صور الأنبياء وفيها صورة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى تلك الصورة قبَّلها أو وضعها على رأسه أو نحو ذلك (٢).


(١) هو سعد (باشا) بن إبراهيم زغلول، زعيم نهضة مصر السياسية، وأكبر خطبائها، لازم جمال الدين الأفغاني، واختير رئيس الوفد المصري للمطالبة باستقلال مصر عن الإنجليز، تولَّى عدَّة مناصب قياديَّة في بلاده قبل الاستقلال وبعده، توفِّي سنة ١٣٤٦ هـ. انظر: الأعلام للزركلي ٣/ ٨٣.
(٢) لم أقف على هذه الأسطورة، ولكن رُوي أنَّ دحية الكلبي وجَّهه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكتابٍ إلى ملك الروم، وأنه لما وصل إليه أدخله بيتًا عظيمًا فيه ثلاثمائة وثلاث عشرة صورة، فإذا هي صور الأنبياء المرسلين، قال: انظر أين صاحبكم من هؤلاء؟ قال: فرأيت صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنه ينظر. وفي حديث أبي بكرٍ: كأنه ينطق. قلت: هذا، قال: صدقت. أسند ذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٧/ ٢٠٩ - ٢١٠، والرافعي في التدوين في تاريخ قزوين ٤/ ٢٤ - ٢٥، وليس فيها تقبيل الصورة أو وضعها فوق الرأس، وإنما فيها أنَّ الملِك قبَّل خاتم الرسالة. وقد ضعَّف الشيخ الألباني القصَّة في سلسلة الأحاديث الضعيفة ٧/ ٣١٠.