وقلبُ الواو تاءً في أوائل الكلمات معروف عندهم، مثل: تترى، وتراث، وتقوى، وتُجاه، وتَبال، وتُكَلة، وتُهَمة.
ثم رأوا الاحتياج إلى زيادة صيغةٍ رابعة لأجل المتكلم ومعه غيره، فاختاروا النون، لأنها أشبه الحروف بحروف العلة، كما هو مبيّن في محلِّه.
وأمّا المستقبل، فرأوا أن لا يجعلوا له صيغة مستقلة، بل يكتفون بالصيغة التي جعلوها للحال، ويكتفون بدلالة القرائن على أنه لم يُرَد بها الحال وإنما أريد بها الاستقبال.
وجعلوا حرفًا خاصًّا لهذا المعنى، حتى يُفْزَع إليه إذا لم يوجد في الكلام قرينة أخرى، وهو (السين)، ثم زادوا مع (السين) حرفين فقالوا: (سوف)، لتكون (السين) وحدها دالةً على المستقبل القريب، و (سوف) دالةً على البعيد.
وأما الأمر، فهو مشتق من المضارع، كما عليه الكوفيون، وهو الصحيح.
ثم إنهم كثيرًا ما يجدون القرائن مُغْنِية عن الصيغة، فيرجعون إلى الأصل، وهو صيغة (ضَرَب) مثلًا.
ومن هنا كان الغالب مع أدوات الشرط مجيء صيغة الماضي؛ وذلك لأن أدوات الشرط تدل على أن الفعل مستقبل، فاستغنوا بها عن الصيغة ورجعوا إلى الأصل.
ومن هنا تعلم أن المستقبل إذا جاء بلفظ الماضي لا يجب أن يكون ذلك لنكتة معنوية، وإن كان كثيرًا ما يَرِد كذلك، إلا أنه ليس بلازم.