للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثاله في النحو: أن يسأل سائل عن «ذو» بمعنى صاحب، لماذا أُعربَ مع كونه على حرفين؟ فلا يكفي في الجواب أن يقال: الأصل في الاسم الإعراب فلا يُسأل عنه؛ لأنه يقال: هذا إنما هو فيما ليس فيه مقتضٍ لخلافه، وهو هاهنا معارَض بما هو أرجح منه، وهو أن ما كان من الاسم على حرفين ما فيهما حرف علَّة واجبُ البناء.

فيتعين في الجواب أن يُقال: إن لفظ «ذو» ليس على حرفين، بل هو على ثلاثة؛ لأن أصله «ذوي»، وقاعدة بناء الاسم إذا كان على حرفين إنما هي فيما كان على حرفين من أصل الوضع، وليس «ذو» كذلك.

إذا تقرر ذلك، فكون تقديم الحمد هو الأصل لكونه مبتدأً قد عارضه ما هو أرجح منه، وهو أن تقديم لفظ الجلالة أحق لأنه الأهم، فلا يكفي في الجواب أن يقال: «هو الأصل»، لأن الأصل قد عارضه ما هو أرجح منه. وعليه فلابد من نكتة أخرى للعدول عمّا كان هو الظاهر في البلاغة، وهو تقديم الأهم. والله أعلم.

* * * *

* قول المختصر (١): «والتعليل بأن البلاغة إنما هي باعتبار المطابقة لمقتضى الحال، وهي لا تتحقق للمفرد= وهمٌ ... » إلخ.

أقول: وتعليل السعد بأنه «لم يُسمع: كلمة بليغة» تقصير لأنه قد يقال: ولماذا لم يستعمل العرب ذلك؟ فكان الأولى أن يعلل بأن البلاغة مُشتقة من البلاغ، ففي «القاموس وشرحه»: بَلُغ الرجل بلاغةً إذا كان يبلغ بعبارته كُنْهَ


(١) «مختصر المعاني ــ مع التجريد»: (١/ ٥٩ - ٦٠).