ومعنى آخر: وهو أنه سمع الحمامة تسجع، فأمرُه لها بمعنى: دومي على السجع غير ملومة، فإنك بحيث ترين المحبوبة وتسمعين كلامها، فلا غرو إذا طربْتِ وطرَّبتِ! فيحق لمن كان بذلك المحلّ أن يطرَبَ ويُطرِّبَ.
* * * *
* «(وبينهما) أي بين الطرفين (مراتب كثيرة) متفاوتة، بعضها أعلى من بعض بحسب تفاوت المقامات ورعاية الاعتبارات، والبُعد من أسباب الإخلال بالفصاحة. هـ مختصر.
قوله:«متفاوتة» لمَّا كان يُشكل التفاوت بأنه إن حصلت المطابقة حصلت البلاغة، وإن انتفت انتفت البلاغة = بيّنه بقوله:«بحسب تفاوت المقامات» أي كما في مقام يقتضي تأكيدًا شديدًا، ومقام يقتضي مطلق التأكيد، «ورعاية الاعتبارات» كما لو روعي اعتبار واحد، وروعي أكثر، «والبعد من أسباب ... » إلخ كما لو انتفى الثقل بالكلية في موضع وبقي منه شيء يسير لا يخرجه عن الفصاحة في موضع آخر. اهـ «سم» ببعض تغيير.
ولا تغفل عمَّا قدمناه من أنه لا يشترط في أصل البلاغة المطابقة لجميع مقتضيات الحال، بل المطابقة في الجملة». هـ (١).
أقول: قوله: «كما في مقام يقتضي تأكيدًا شديدًا ومقام يقتضي مطلق التأكيد»، يعني فالإتيان بالتأكيد الشديد في الأول وبالتأكيد غير الشديد في الثاني أبلغ من العكس، فإن مَن جاء بالتأكيد الشديد في المقام الذي يقتضي