للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمكن أن يورد الاستدلال بطريق أخرى فيقال في أمِّ الولد التي قد مات سيِّدها: أجمَعْنا أنها كانت أمَةً مملوكة، فنحن على ذلك حتَّى يثبت خلافه.

وأيضًا: بعد الولادة وقبل موت السيِّد كنا مجمعين على أن أحكامها غيرَ البيع ونحوه أحكامُ الأَمَة، فنحن على ذلك بعد موت السيد حتى يثبت خلافه. إلى غير ذلك من الوجوه.

والحنفية ــ غفر الله لنا ولهم ــ يشنِّعون على كل من ضعَّف قولًا من أقوال أبي حنيفة رحمه الله.

ولا تكاد تجد عالمًا من علمائهم إلا وهو يطعن في غيره من الأئمة لا بتضعيف الأقوال فقط ــ فإن تضعيف قول العالم لا يلزم منه الطعن عليه ولا إساءة الأدب في حقّه ولا انتهاك حُرْمته، وهؤلاء الأئمة أنفسهم وأبو حنيفة نفسه قد ضعَّفوا أقوالًا من أقوال أئمة الصحابة والتابعين، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ــ بل بالطعن والتجهيل والتحقير كما صنع الجصَّاص في "أحكام القرآن" (١) عند قول الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] مع أن من ذبَّ عن أنفه خُنزُوانة


(١) (٢/ ١١٦ - ١٢٠) وذلك عندما نقل وعلَّق على مناظرة ذكرها الشافعي في "الأم": (٦/ ٣٩٨ - ٤٠٦) جرت بينه وبين بعضهم في مسألة: هل الوطء زنًا يحرِّم كما يحرّم النكاح؟
وممَّا طعن به الجصَّاص على الشافعي قولُه في تعليقه على المناظرة: "فقد بان أن ما قاله الشافعي ... كلام فارغ لا معنى تحته! ".