للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا شُقَّ بردٌ شق بالبرد مثلُه ... دوالَيك حتَّى كلُّنا غير لابس (١)

فحبَّذا لو تمسَّك أهل العلم بالإنصاف وعرفوا للعلماء مقاديرهم، وذبَّ كل مقلِّدٍ عن إمامه بما يدفع عنه الباطل لا بما يدفع عنه الحق أو المحتمِل. على أن خطأ المجتهد ليس ذنبًا في حقِّه، فنسبته إليه لا تُشعر بإرادة الناسب نقيصته، وإلا كان أبو حنيفة ــ رحمه الله ــ وغيره من الأئمة منتقصين لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وجميع الصحابة والتابعين فمَن بعدهم، فإنه ما من أحد من الصحابة والتابعين إلا وقد خُولف في حكم من الأحكام، ومخالفتُه تخطئة له، بل وكثيرًا ما يُنسب إليهم الخطأ صريحًا. ونحن نقطع ــ أو نكاد ــ أنه ليس أحد من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أهل العلم متطابق (٢) مع أبي حنيفة في كلِّ قليل ودقيق حتَّى يُتصوَّر أن أبا حنيفة ــ رحمه الله ــ لم يخطِّئه.

وقال صاحب "الجوهر النقي" (٣) في كتاب الفرائض عند ذكر موافقة الشافعي زيد بن ثابت أنه يبعد أن يتطابق مجتهدان في [كتابٍ من العلم من أوله إلى آخره] (٤).

* * * *


(١) البيت لسُحَيم عبد بني الحسحاس في "ديوانه" (ص ١٦).
(٢) كذا في الأصل، والوجه النصب.
(٣) (٦/ ٢١٠ - ٢١١).
(٤) مجموع [٤٧١١].