للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا السلام، فإن القادم يسلّم على الجالس ومَن معه من الملائكة ومؤمني الجنّ؛ فلذلك ورد بلفظ الجمع.

وكذا جوابه؛ لأن سلامه يكون عنه وعمّن معه من الملائكة ومؤمني الجنّ، فيكون الجواب بالجمع.

ثمّ السلامُ معناه الدعاء بالسلامة، ويلزمه الوعد بسلامة المسلَّم عليه من المسلِّم.

فعلى هذا، إذا سلمتَ على أحدٍ أو رددتَ عليه السلام [ثم آذيته] (١)، فقد أخلفت وعدك.

وكأنه إلى هذا يشير حديث الأمر بالسلام عند القيام، وفيه: "فليست الأُولى بأَولى من الثانية" (٢). أي ــ والله أعلم ــ: فإن الإيذاء كما يمكن في الحضور يمكن في الغَيبة، بل لعله في الغَيبة أكثر.

وكأنّ حديث: "أولا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (٣) يشير إلى هذا؛ فإن المحبة إنما تتمّ بوعد كل إنسانٍ من المسلمين


(١) زيادة لابدّ منها.
(٢) أخرجه أحمد (٧٨٥٢، ٩٦٦٤)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٩٨٦)، وأبو داود (٥٢٠٨)، والترمذي (٢٧٠٦) وحسَّنه، وابن حبان (٤٩٣ - ٤٩٦) من حديث أبي هريرة ولفظه: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليُسلِّم، فإذا أراد أن يقوم فليُسلِّم فليست الأولى بأحق من الآخرة".
(٣) "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة (٥٤).