للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوقظني للصلاة، فكأنني استيقظت ونظرت فإذا قد بقي ساعة أو أقل من طلوع الشمس. وهو يقول لي: قم صلِّ! قم صلِّ، وإلا اخرُجْ من عندنا ــ أو قال: اذهب، أو انتقل، أو ارتحل، أو كلمة نحوها ــ وإلا فلماذا ترفع يديك في الصلاة؟ !

وكأنني شكرته على ذلك وقمتُ وذهبت لأصلي في المسجد وعمدت لأتوضأ، فكأن هناك بِرْكةً وموضئًا فيه درج إلى أسفل وفي بعض الدرج حنفيَّات يمنة ويسرة. فكأنني جلستُ أتوضَّأ من حنفية منها، ومقابلي بعض معارفي (١) يتوضَّأ. ثم كأنني ذهبت للصلاة في المسجد فوجدت نفسي في بيت كأنه بيت رجل من أصحاب "ج"، وكأن "ج" معي، وكأنني جالس وهو يعرض عليَّ قصيدة (لم أذكر بعد اليقظة شيئًا منها، ولا بحرها، ولا رويَّها). وكأنني أستعجله لإدراك صلاة الصبح، وهو يسرد القصيدة، وإذا هي (٢) طويلة مكتوبة في وجه الورقة وظهرها، وكأنه فرغ منها، وقمنا للصلاة في ذاك البيت لضيق الوقت، وكأنني أبسط ثوبًا لنصلِّي عليه. والبيت ضيِّق، فيه دواليب، وليس فرش ولا هيئة حسنة.

ثم كأنني أحس في نفسي أنني لا أزال راقدًا، وأن ما جرى أوَّلًا كان حُلمًا. وكأنني أقاتل نفسي لأستيقظ، وأنا لا أستطيع. فكأن شخصًا (لم أره إلا أنني ظننت حينئذ أنه الذي حاول إيقاظي أوَّلًا) يجرُّ اللِّحاف من فوقي.

وفي هذا الوقت استيقظت حقيقةً، فقمت وأنا أتوهَّم أنه قد قرب طلوع


(١) كتب فوقه: "خصم د * م * ل".
(٢) في الأصل: "هي في".