وقد طُبِع مختصره "اللباب" لعز الدين علي بن محمد بن الأثير الجزري (٥٥٥ - ٦٣٠ هـ) وهو مختصر مفيد أصلح بعض زلل الأصل، وزاد زيادات، لكنه أجحف بصنيعه الذي بينه بقوله:"فإن كان [ابن السمعاني] قد ذكر هو في الترجمة (أي الرسم) الواحدة عدة أشخاص، فأذكر أنا الترجمة وأقتصر على ذكر واحد أو اثنين من الذين ذكرهم ... فرأيت أنّ المقصود من النِّسَب ليس تعداد الأشخاص إنّما هو معرفة ما ينسب إليه". كذا قال، وكل مزاول للبحث يعلم أنّ هذا خَطَل في الرأي، ويتمنى لو أنّ ابن الأثير أبقى الأشخاص الذين ذكرهم السمعاني كلهم وزاد من رجال القرن الثالث فما بعده ما وسعته الزيادة، ولكنها شهوة الاختصار! وقد أوحى استدلاله المذكور إلى السيوطي أن يختصر "اللباب" أيضًا، ويقتصر على ذكر النِّسبة وضبطها! وعندنا في مكتبة الحرم المكي نسختان مخطوطتان من الجزء الأول من "اللباب" ربما تزيدان على المطبوع أو تخالفانه.
ولأبي محمد عبد الله بن علي الرُّشاطي (٤٦٦ - ٥٤٢ هـ) كتاب كبير في الأنساب سماه "اقتباس الأنوار"، اختصره مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم البُلْبَيسي (٧٢٨ - ٨٠٢ هـ) في كتاب سماه (القبس) ثم جمع بين هذا المختصر وبين "اللباب" فألف منهما كتابًا واحدًا عندي نسخة منه مصورة مكبرة عن فلم بمعهد المخطوطات كما في فهرسه رقم ٤٥٠ من كتب التاريخ، وهو مأخوذ من نسخة في مكتبة رئيس الكُتَّاب بإستانبول بخط المؤلف البُلْبَيسي نفسه، وأنا أُحيل على هذا الكتاب باسم (القبس) لأني لم أتحقق اسمه الخاص.