للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي كتابَي عبد الغني، فإن لم يجده ففي كتاب الخطيب، ثم يحتاج أن [يفصل] طبقاته أيضًا، فيمضي زمانه ضياعًا، ويصير ما أريد من إرشاده تضليلًا، فلو أنّك جمعتَ شمل هذه الكتب، وجعلتها كتابًا واحدًا حُزْت الثواب ويسرت على مبتغي العلم الطِّلاب، وراجعني في ذلك مراجعة تجرّمت لها وأوجبت له فيها رعايةً لحقه ورغبة في مساعدته، واغتنامًا للأجر في إفادة مسترشد وتعليم جاهل ومعرفة (١) طالب.

وبدأت بالنظر في كتاب الخطيب فوجدته يذكر في أوله أنّه قد جمع فيه من مؤتلف أسماء الرواة وأنسابهم ومختلفها، وممّا يتضمن كتب أصحاب الحديث من ذلك، وإن لم يكن المذكور راويًا، ما شذّ عن كتابي أبي الحسن علي بن عمر وأبي محمد عبد الغني بن سعيد المصنفين في "المؤتلف والمختلف"، وفي "مشتبه النسبة"، وأنّه يذكر ما رسم فيهما أو في أحدهما على الوهم، ودخل على مدوّنه فيه الخطأ والسهو، ويبين فيه صوابه، ويورد شواهده، ويذكر صحيح ما اختلفوا فيه ممّا انتهى إليه علمه، ويقر ما أشكل عليه من ذلك؛ لينسب كل قول إلى صاحبه.

وجعله خمسة فصول، أورد في الأول منها ما لم يذكراه ولا واحد منهما، وفي الثاني أوهام كتبهم، وفي الثالث ما أغفلاه ممّا أوردا له نظائر، وفي الرابع أشياء ذكراها وقصّرا في شرحها وإيضاحها فبينها وأتم نقصانها، وفي الخامس ما أورداه من الأحاديث نازلة ووقعت له عالية. ولما أنعمتُ النظر فيه وجدته قد ذكر في الفصل الأول ما قد ذكراه أو أحدهما، وفي الفصل الثاني قد غلّطهما في أشياء لم يغلطا فيها وأخل بأوهام لهما ظاهرة،


(١) لعل الصواب: "ومعونة". [المؤلف].