الناس عن ابن المقير عن ابن ناصر عن الأمير، فيظهر أنّ الذهبي إنّما أخذ رواية ابن المقير لذاك الخبر من سند "الإكمال" نفسه. فأمّا ما في سياق الخبر من مخالفة لما في "الإكمال"؛ فكأنّ الذهبي ساق لفظ ابن الفراء عن الأمير ولم يسق لفظ ابن ناصر، وعلى هذا فابن ناصر يروي الإكمال أو يروي ذاك الخبر على الأقل بحق إجازة كتب بها الأمير إليه، وابن ناصر نشأ يتيمًا من عائلة هي إلى الفقر أقرب منها إلى التوسّط، فكيف يظن به وهو في السابعة من عمره تقريبًا أن يكتب الأمير إليه؟ أمّا أن يكتب إليه وهو ابن سبع عشرة سنة أو نحوها فهذا لا غبار عليه، فإنّ ابن ناصر كان في ذاك السن طالبًا لبيبًا، فغير ممتنع أن يكتب إلى الأمير يلتمس منه الإجازة فيسعفه الأمير بالكتابة إليه بها.
والذي يظهر لي أنّ كلمة "إليه" من زيادة بعض الرواة توهمًا، وإنّما أصل اللفظ "عن كتاب الأمير أبي نصر"، ويقصد بالكتاب ههنا كتاب الإجازة، كأنّ الأمير كتب إجازة لجماعة التمسوا منه ذلك وكتبوا أسماءهم وكان فيهم من يعتني بابن ناصر، فكتب اسم ابن ناصر معهم، فكتب الأمير بالإجازة لمن في ذاك الكتاب.
وممّا يشهد لهذا ما في رسم (فتحويه) من استدراك ابن نقطة عند ذكر هبة الله بن أبي الصهباء ــ أحد شيوخ الأمير ــ ما لفظه: "وسمع منه أبو نصر ابن ماكولا، ونسبه في إجازته كذلك ... " دلّ هذا على أنّه كانت هناك إجازة من الأمير مكتوبة معروفة بين أهل العلم اطلع عليها ابن نقطة وأنّها كانت لجماعة، إذ لو كانت لواحد لكان الظاهر أن يسميه ابن نقطة، يقول:"في إجازته لفلان". على أنّه لو صحت كلمة "إليه" لم يكن فيها ما ينافي أن تكون الكتابة وابن ناصر في السابعة مثلًا؛ لأنّ الواقع فيما يظهر كما مرّ أنَّ جماعة