الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله وسلّم وبارك على خاتم أنبيائه محمد وآله وصحبه.
أمّا بعد، فإن كتاب (الأنساب) للحافظ الإمام أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني كتاب جليل، أدرك المستشرقون شأنه فسبقونا إلى طبعه منذ خمسين سنة ــ أي سنة ١٩١٢ ــ طبعوه بالزنكو غراف، محافظةً منهم على صورة النسخة التي ظفروا بها، ونِعْم ما صنعوا، غير أنّ النسخة سقيمة جدًّا يكثر فيها السقط والتحريف، ومع ذلك فقد عزَّ وجود نُسَخ تلك الطبعة، وتقادم العهد بطبعها، فبلي ورقها فصار الموجود منها عُرضة للتلف؛ فأهمّ رجال جمعية دائرة المعارف العثمانية بحيدراباد الدكن أمر هذا الكتاب، كيف لا وجمعيَّتهم هي حاملة لواء فنّ التراجم، والسبّاقة إلى نشر كتبه والمتفرِّدة بأكثرها، فسعوا في تحصيل نسخٍ من الكتاب مخطوطة أو مصورة عنه، فظفروا بثلاث نسخ غير المطبوعة ــ وسيأتي وصفها ــ فبادروا إلى استنساخ مسوّدة للكتاب، ومقابلتها على النسخ، وتقييد الاختلافات مع مراجعة بعض المراجع بِنيَّة تحقيق الكتاب، فلم يكادوا يتوسطون مقدمة المؤلف حتى بدت لهم صعوبة العمل؛ لكثرة الاختلافات، وخفاء الصواب، فبدا لفضلاء الدائرة ــ وعلى رأسهم مديرها الفاضل الدكتور محمد عبد المعيد خان ــ أن يضعوا ثِقَل العمل على عاتق زميلٍ سابق لهم هو كاتب هذه الكلمة، فكتب إليّ الدكتور بذلك، وأنّه قرّر أن يقوم فضلاء الدائرة