بقليل، سافر إلى العراق والحجاز، ورحل إلى أصبهان لسماع الحديث، وأدرك الشيوخ والأسانيد العالية، وحصَّل النسخَ والكتب، وأملى مائة وأربعين مجلسًا في الحديث، من طالعها عرف أن أحدًا لم يسبقه إلى مثلها. سمع بمرو أباه، وأبا الخير بن أبي عِمران الصفار، وأبا سعيد الطاهري، وبنيسابور أبا الحسن علي ابن أحمد المؤذن المديني، وبهَمَذان أبا الحسن فِيد بن عبد الرحمن الشعراني، وببغداد أبا المعالي ثابت بن بندار البقال، وبالكوفة أبا البقاء المعمر بن محمد بن علي الكوفي الحبال، وبمكة أبا شاكر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العثماني، وبأصبهان أبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ، وجماعة كثيرة من هذه الطبقة. كتب لي الإجازة بجميع مسموعاته، وشاهدت خطه بذلك، وحدّث بهراة. وكانت ولادته في جمادى الأولى سنة ست وستين وأربعمائة، وتوفي يوم الجمعة الثالث من صفر سنة عشر وخمسمائة، ودُفِن عند والده، وكان شيخنا أبو الفتح محمد بن علي النَّطَنْزي إذا ذكره أنشد:
زين الشباب أبو فرا ... سٍ لم يمتّع بالشباب
وعمِّي الأكبر أبو محمد الحسن بن أبي المظفر السمعاني، كان إمامًا زاهدًا ورعًا كثير العبادة والتهجد، نظيفًا منورًا مليح الشيبة، منقبضًا عن الخلق، قلَّما يخرج عن داره إلّا في أيام الجمع للصلاة، تفقه على والده، وكان تِلْو والدي رحمهم الله وسمع معه الحديث ــ وظنّي أنّه ولد بعده بسنتين ــ وأفاده والدي عن جماعة من الشيوخ، ورحل معه إلى نيسابور، وسمع بمرو أباه، وأبا سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري، وأبا القاسم إسماعيل بن محمد بن أحمد الزاهري، وأبا محمد كامكار بن عبد الرزاق