هذا النوع من العلم، ونسب جماعة من أصول العرب وورد في الحديث ذكرهم، وقد أذكر البلاد المعروفة والنسبة إليها لفائدة تكون في ذكرها، والله تعالى ينفع الناظر فيه والمتأمل له بفضله وسعة رحمته".
وقال ابن الأثير في مقدمة "اللباب": "كانت نفسي تنازعني إلى أن أجمع في هذا كتابًا حاويًا لهذه الأنساب، جامعًا لما فيها من المعارف والآداب، فكان العجز عنه يمنعني، والجهل بكثير منه يصدني، ومع هذا فأنا ملازم الرغبة فيه، مُعرِض عما يباينه وينافيه، كثير البحث عنه والاقتباس منه، فبينما أنا أحوم على هذا المطلب ثم أجبن عن ملابسته، وأُقدم عليه ثم أُحجم عن ممارسته؛ إذ ظفرت بكتاب مجموع فيه قد صنفه الإمام الحافظ تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني المروزي رضي الله عنه وأرضاه وشكر سعيه وأحسن منقلبه ومثواه، فنظرت فيه فرأيته قد أجاد ما شاء، وأحسن في تصنيفه وترتيبه وما أساء، فما لواصف أن يقول: لولا أنه، ولا لمستثن أن يقول: إلا أنه. فلو قال قائل: إنّ هذا تصنيف لم يُسبق إليه لكان صادقًا، ولو زعم أنّه قد استقصى الأنساب لكان بالحقّ ناطقًا. قد جمع فيه الأنساب إلى القبائل والبطون كالقرشي والهاشمي، وإلى الآباء والأجداد كالسليماني والعاصمي، وإلى المذاهب في الفروع والأصول كالشافعي والحنفي والحنبلي، والأشعري والشيعي والمعتزلي، وإلى الأمكنة كالبغدادي والموصلي، وإلى الصناعات كالخياط والكيال والقصّاب والبقال، وذكر أيضًا الصفات والعيوب كالطويل والقصير والأعمش والضرير، والألقاب كجَزَرة وكَيْلَجة؛ فجاء الكتاب في غاية الملاحة ونهاية الجودة والفصاحة، قد أتى مصنفه بما عَجَز عنه الأوائل ولا يدركه الأواخر،