والتأخير، فربّما وقع بباب كامل، وذلك قليل، وقد نبه عليه في الحواشي أيضًا، ويقع أكثر منه في ترتيب التراجم، وقد نبّه عليه أيضًا، وأكثر منهما في ترتيب النصوص في التراجم الكبيرة، فإنّ المؤلف يسوق في الترجمة عدة نصوص، كل نصّ منها بسند، فيقع بين النسختين اختلاف كثير في ترتيب تلك النصوص، وأقرب ما يتبادر إلى الظن توجيه التقديم والتأخير في التراجم والنصوص بافتراض أن يكون المؤلف بيض الكتاب مرّتين، لكن لو كان الواقع هكذا لما غير في المرّة الثانية شيئًا من الترتيب الأول إلا لمناسبة، وإنعام النظر في مواقع ذلك الاختلاف لا يطابق هذا، بل تارةً يكون المناسب ما في هذه النسخة، وتارة ما في الأخرى. فلا بدّ من افتراض سبب آخر. والذي يظهر أنّ المؤلف قيد في أصله أوّلًا ما تحصل لديه من التراجم والنصوص، وترك بياضًا واسعًا في جوانب كل صفحة ليضيف ما يجده بعد ذلك، ثم كان يضيف في الجوانب إلى أن اجتمع ما رضيه فأذن لأصحابه أن ينتسخوا من ذلك الأصل، فكان الناسخ يضع تلك الألحاق التي في الجوانب في المواضع الصالحة لها من المتن، فاختلف الناسخان، فمن هنا جاء الاختلاف. ويشهد لهذا أنّه في بعض المواضع يقع بعض النصوص في إحدى النسختين في ترجمة غير الترجمة التي يتعلق بها لكنّها قريب منها. وقد يكون مع هذا سببٌ آخر، كأنْ يكون أصحابه أخذوا الكتاب عنه أوّلًا ثم كان إذا وجد زيادة أخبرهم بها ليضيفها كل منهم في نسخته في الموضع المناسب فيختلفون.
وعلى كلّ حال فإنّ الترتيب في المطبوع هو ترتيب نسخة كوبريلي، اللهم إلا في مواضع يسيرة عدلنا عنها إلى ترتيب المصرية لموجب، ونبّهنا