أمّا بعد، فمن الواضح أنّ معظم العلوم الإسلامية مدارها على النقل، وأنّ النّقل لما عدا نصّ كتاب الله تعالى من شأنه أن يختلط صحيحه بسقيمه، فأصبح مفتقرًا إلى النقد، وعماد النقد النظر في أحوال الناقلين.
وقد اعتنى علماء سلفنا بنقل تلك العلوم من قراءات وتفسير وحديث وآثار وفقه، وكذا التاريخ واللغة والأدب بأسانيد متصلة يحدِّث بها اللَّاحق عن السابق إلى أن تمّ تقييدها في المصنفات. وإلى جانب ذلك عُنوا بالبحث عن أحوال الرواة وبيانها للناس لتُنْقل ثم تُقيد كغيرها.
وأوّل مصنف جامع لأسماء الرواة ــ إلّا ما شذّ ــ هو "التاريخ الكبير" للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله، احتوى على بضعة عشر ألف ترجمة. وفي عصره جمع أصحاب الإمامين أحمد بن حنبل ويحيى بن معين مجاميع ممّا أفاداه في أحوال الرواة، ثم كثرت المصنفات والمجاميع في ذلك.
هذا والأسماء قد تشتبه، فيتفق الرجلان فأكثر في الاسم واسم الأب واسم الجد ونحو ذلك، كأحمد بن جعفر بن حمدان، أربعة في طبقة واحدة. وكثيرًا ما يُذْكر الراوي بأوصافٍ متعددة كمحمد بن سعيد بن حسان الشامي المصلوب، يقال له: محمد بن حسان، محمد بن عبد الرحمن، محمد بن زكريا، محمد بن أبي قيس، محمد بن أبي زينب، محمد بن أبي