انظر "الموضح": الوهم ٢ و ٤٢ و ٥٥ من أوهام البخاري. ولم يكتف بذلك بل فصل هذه المواضع بمزيدٍ من التشنيع، وتشنيعه عائد عليه كما لا يخفى.
الاصطلاح الثالث:(وقد نبّهت عليه في تعليقاتي على التاريخ ٢/ ١ /٢٦٩ رقم ١٠٠١) وهو أنّ البخاري إذا وجد من وُصِفَ بوصفين، وكان محتملاً أن يكون واحدًا وأن يكون اثنين، فإنّه يعقد ترجمتين، فإن لم يمنعه مقتضى الترتيب الذي التزمه من قَرْنهما قَرَنَهما، كي يسهل فيما بعد جعلهما ترجمةً واحدة إذا تبين له، أو الإشارة القريبة البينة إذا قوي ذلك ولم يتحقق، كأن (١) يزيدَ في الثانية: "أراه الأول"، ولما جرت عادته بهذا صار القرن في مواضع الاحتمال كالإشارة إليه والتنبيه عليه. أمّا إذا لم يسمح مقتضى الترتيب بالقرن، فإنه يضع كلاًّ من الترجمتين في موضعهما ويشير إشارة أخرى، وقد يكتفي بظهور الحال، انظر "الموضح" ٦ و ١٢ و ١٤ و ١٥ و ٣٨ و ٥٥ من أوهام البخاري. وكثيرٌ من المواضع التي لم يقض فيها البخاري بل أبقاها على الاحتمال، يكون دليل الخطيب على أحد الاحتمالين غير كاف للجزم بحسب تحرّي البخاري وتثبته. وما كان كافيًا للجزم فلا يليق أن يسمّى توقف البخاري وهمًا.
هذا، وللبخاري ــ رحمه الله ــ ولوعٌ بالاجتزاء بالتلويح عن التصريح، كما جرى عليه في مواضع من جامعه الصحيح حرصًا منه على رياضة الطالب، واجتذابًا له إلى التنبه والتيقُّظ والتفهُّم.
قدّمت هذا الفصل هنا لأحيل عليه في التعليقات كما ستراه وترى بقية الأجوبة عن أكثر تلك القضايا التي سمّاها الخطيب أوهامًا.