ورأيته كثيرًا ما يورد الحديث، وأنّ ابن الجوزي ذكره في "الموضوعات"، ثم يذكر أن صاحب "اللآلئ المصنوعة" ــ وهو السيوطي ــ تعقبه في ذلك، أو ذكر له طريقًا أخرى فصاعدًا، ولا يبين حال تلك الطرق، ولا يسوق أسانيدها. وعذره في ذلك قصده إلى الاختصار، وعدم توفُّر الكتب الكافية لاستيفاء البحث والتحقيق، وسيظهر ذلك من صنيعه في مواضع من الكتاب لعلِّي أنبه عليها في التعليق.
ومسلك صاحب "اللآلئ" قريب من هذا، إلاّ أنّه يسوق الأسانيد غالبًا، فيخفّ الإعواز، إذ يتيسر لمن يعرف نقد الأسانيد أن يتبين الحال.
وعلى كل حال، ففي هذه الطريقة إعواز شديد؛ إذ لا يدري أكثر المطالعين ما الذي تقتضيه تلك الطريق، أو الطرق الأخرى، أتوجب ردّ الحكم بالوضع أم لا؟
وقد تتبعت كثيرًا من تلك الطرق، وفتشت عن تلك الأسانيد، فوجدت كثيرًا منها أو أكثرها، يكون ما ذكره السيوطي من الطرق ساقطًا، لا يفيد الخبر شيئًا من القوة.
ومنها ما غايته أن يقتضي التوقف عن الجزم بالوضع، فأمّا ما يفيد الحُسْن أو الصحة فقليل.
ولمّا فكّرت في تقييد ملاحظاتي، وجدت هناك أمورًا تحول دون استيفاء النظر في جميع المواضع.
منها: أنّ في "اللآلئ" خطأ، بعضه من النساخ، وبعضه من السيوطي نفسه، وسترى التنبيه على بعضه، واستيفاء النظر يقتضي مراجعة أصوله كلها، وكثير منها ليس في متناول يدي.