بل إنّ البيهقيّ نفسه لا يكاد يعبر في روايته عن شيوخه إلا بـ"أخبرنا".
إنّ أكثر ما في "سنن البيهقي" مروي عن كتبٍ مصنَّفة، وقد قابلتُ بعضَ ما فيها بمآخِذِه من الكتب كـ"الأم" و"سنن أبي داود" و"سنن الدارقطني"، فوجدت محلّ هذه الصيغة (أخبرنا) أو (أنا).
وتتبعت في "سنن البيهقي" مواضع من رواية الأئمة الذين نصّ الخطيب على أنهم لم يكونوا يعبرون عمّا سمعوه إلاّ بلفظ (أخبرنا)، فوجدت عبارتهم تقع في السنن بهذه الصيغة (انبا).
إنّ صيغة (أنبأنا) عزيزة كما يُعلم بتصفُّح كتب الحديث، ونصّ عليه الخطيب وغيره، ونصّ السخاوي والبقاعي وغيرهما من علماء الفن أنّه لم يَجْر للمحدثين اصطلاح في اختصار (أنبأنا)، وحذف الضمير في الصِّيغ مع الاتصال عزيز جدًّا، لا تكاد تجد في الكتب (حدّث فلان) أو (أخبر فلان) على معنى (حدثنا) أو (أخبرنا)؛ لأنّ مثل ذلك محمول على الانقطاع عند الخطيب واختاره الحافظ ابن حجر. ومن خالف فيه فإنّه موافقٌ على أنّه محمول على الانقطاع في عبارات المدلسين. وكثيرًا ما تقع عبارات المدلسين في "سنن البيهقي" بهذه الصيغة (انبا) وهي في الكتب المأخوذ منها (أخبرنا).
إنّ صيغة (أخبرنا) للسماع اتفاقًا، وصيغة (أنبأنا) في اصطلاح شيوخ البيهقي ومشايخهم وأهل عصرهم للإجازة، نصّ عليه الحاكم، فكيف يختار البيهقي لنفسه (أخبرنا) ثم يبدلها باطراد في كلام غيره ممّا ثبت في الكتب المصنفة، حتى من لم يكن يعبر إلاّ بها بـ"أنبأنا" مع كثرة "أخبرنا" وعزة