للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المقالة من الأمم قبل النصارى، وكأن بعض رؤوس الضلال أشاعوا في عامَّة النصارى تلك العقيدة مروِّجين إفكهم بالأمور السابقة، وبما كان يجري على يد المسيح عليه السلام من الخوارق.

ولعلَّ الذي تولَّى كِبر ذلك بولس (١)، وكان من مكره أن أعلن بالإباحة ورفع الأحكام التكليفية، فعل ذلك إفسادًا للدين وتقرُّبًا إلى العامة واجتذابًا لهم، وكان مَن بقي من أهل الحق يخافون على أنفسهم، ولا يكاد الناس يسمعون قولهم؛ لأنهم إذا جهروا بشيء قال الناس: هؤلاء يبغضون المسيح ويحقرونه ويجحدون فضائله ويطعنون على من يحبه ويعظمه، ورؤوس الضلال يصوِّبون قول العامَّة ويوجِّهون أقوالهم، وإذا حوققوا قالوا: إن العامة إنما يقولون في المسيح ما [٣٨٠] يقولون على سبيل التجوُّز والاستعارة، وأيُّ عاقل يخفى عليه أن الله عزَّ وجلَّ لا يكون له ابن حقيقة؟

وكان بعض بقايا أهل الحق يجْبُن أن يصرِّح به خوفًا من أن يُفهم من كلامه تحقير للمسيح، ثم نشأ في القوم مَن أخذ بنصيب من الفلسفة وأحبَّ


(١) وُلد في طرسوس الواقعة الآن في تركيا عام ١٠ ميلادي، كان يهوديًّا ... من أشدِّ المعادين للنصارى، ثم دخل دينهم، وهو الذي سمح لغير اليهود أن يدخلوا في الديانة النصرانية بعد أن كانت مقصورة على اليهود، وهو الذي ألغى الختان، ويُنسب إليه في رسائله مشاركته في تحليل الخمر والخنزير والربا، قيل: إنه فعل ذلك لتقريب الوثنيِّين من النصرانية. انظر: الموسوعة البريطانية، مادة: Paul, the Apostle. وانظر: محاضرات في النصرانية، لمحمد أبو زهرة ص ٧٠ - ٧٥، ١١٨ - ١١٩.