للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أنه لو لم يكن موضوعًا وكان ضعيفًا لما جاز العمل به إجماعًا، أمَّا على القول بأن العمل بالضعيف لا يجوز مطلقًا فواضحٌ ــ وهذا هو الحقّ، كما حقَّقناه في موضعٍ آخرٍ (١)، ونَقْلُ الإجماع على خلافه سهوٌ ــ، وأما على قول مَن زعم أن الضعيف يُعمَل به في فضائل الأعمال، فلجواز العمل عندهم شرائط، منها: اندراج ذلك الفعل تحت عمومٍ ثابتٍ، وهذا الفعل ليس كذلك.

فقال السائل: إذا كان قد رُوي الحديث عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فينبغي أن يُقبَل. قلت: نعم، إذا كانت الرواية صالحةً [٤٠٩] للاعتماد، فأما إذا لم تكن صالحةً فإنه يجب اطِّراحها، هذا حكم الإسلام؛ لأن الناس قد كذبوا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عمدًا وخطأً.

قال السائل: فقد كان رجلٌ يعتاد هذا الفعل، حتى قال رجلٌ من علماء الوهابيَّة (٢): إن هذه بدعةٌ، فصدَّقه، وترك ذلك الفعل، ثم أصابه وجعٌ في عينيه، فاختلف إلى الأطبَّاء يداوي عينيه، ودام على ذلك مدَّةً والوجع باقٍ، حتى قُيِّض له رجلٌ من المتصوِّفة ساءله حتى أخبره أنه كان يعتاد هذا الفعل حتى نهاه عنه ذلك الوهابيُّ، فقال له: أخطأت بموافقة الوهابيِّ، ارجع إلى ما كنت تفعله، فعاد لذلك الفعل، فلم يلبث أن ذهب عنه الوجع.

قلت: هذه تجربةٌ، والدين لا يُؤخذ بالتجربة.

وقد أخرج أبو داود وغيره عن زينب امرأة عبد الله بن مسعودٍ، أن


(١) يشير إلى رسالة: حكم العمل بالحديث الضعيف.
(٢) تكلَّم المؤلِّف في موضعٍ آخر عن إطلاق لفظ «الوهَّابيَّة» على أهل نجد. انظر: تحقيق الكلام في المسائل الثلاث ص ٤٤٦ - ٤٥٣.