للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينجزْ ما تطلبُ ويسمعْ ما تقولُ ويَقبلْ ما تُقرِّبُ.

وهناك أدلَّةٌ أخرى كثيرةٌ في هذا الموضوع، لعلَّنا نحسن في اختيارنا منها نشيدًا جليل الشأن وُضِع للإله «أمون ــ رع» الذي ذكرناه، وهو محفوظٌ بالمتحف المصريِّ تحت رقم (٢٥٠٥ B)، في ورقة برديَّةٍ من الأسرة الثامنة عشرة، قبل عصر الملك أخناتون الذي نادى بتوحيد العبادات، والذي سنتكلم عنه في مقالنا القادم [٤٣٦] إن شاء الله تعالى، ونقتطف من هذا النشيد ما نصُّه بالحرف: «سلامٌ عليك يا مَن يسمع دعوة الملهوف، أنت الرحيم بمَن يدعوك، يا مغيث المستضعَف مِن المتجبِّر، يا مَن يحكم بين الضعيف والقويِّ، أنت الواحد الأحد، بارئ كلِّ ما كان، أنت الذي أنسل من ناظريه بني الإنسان، الذي أوجد الآلهة بكلمةٍ منه، الذي خلق العشب غذاءً للماشية، وشجرة الحياة لبني الإنسان، الذي يَعُول أسماك النهر وطيور السماء، ومدبِّر الهواء لما هو في البيضة، مغذِّي الحيَّة ومطعم البعوضة وكلِّ زاحفٍ وطائرٍ، كذلك تنحني الآلهة لجلالك ممجِّدةً مشيئة خالقها مهلِّلةً عند دنوِّها من بارئها، قائلةً لك: مرحى يا أبا آباء جميع الآلهة، ناشر السماء وباسط الأرض، صانع ما هو كائنٌ وخالق الكائنات، يا مليكًا رئيس الآلهة، نحن نقدِّس مشيئتك؛ لأنك أنت الذي خلقتنا، نحن نباركك؛ لأنك صوَّرتنا، نحن نسبِّح بحمدك؛ لأنك أنت الذي عُنِيت بأمرنا ... ».

أقول (١): يُعلم مما نقلناه عن البلاغ أنَّ القوم وإن كانوا يعترفون بربوبيَّة الله تعالى، إلا أنهم كانوا يشركون به أشخاصًا غيبيِّين [٤٣٧] يعترفون بأنهم من خلقه, وقد دلَّ القرآن على أن أولئك الأشخاص لا وجود لهم, والظاهر ما


(١) القائل هو المعلِّميّ.