«فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطانٍ، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار»، وكذا قال في غروبها:«فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفَّار»(١).
فالمراد ــ والله أعلم ــ أن الشيطان إذا علم من أهل قُطْرٍ أن منهم مَنْ يعبد الشمس رقب وقت عبادتهم لها، فانتصب بينهم وبينها ليكون سجودهم لها كأنه في الصورة له، فإذا انتهى وقت عبادتهم لها فارق ذلك الموضع، وانتقل إلى القطر الآخر، تدبَّر! !
بل إن الشيطان يحاول أن يعترض العبادات التي يُعبد بها الله عزَّ وجلَّ، ولكنه لا يستطيع الاعتراض ما لم يقصِّر العابد، فمن ذلك أنه يعترض الصلاة ليقوم أو يمرَّ بين المصلِّي وبين القبلة، ولذلك شُرِعَت السترة في الصلاة، أي: أن يصلِّي المصلِّي إلى جدارٍ أو ساريةٍ أو نحو ذلك، حتى يكون ذلك حجابًا بينه وبين الشيطان، فلا يستطيع الشيطان المرور بينه وبين السترة، يمنعه الله عزَّ وجلَّ من ذلك؛ لأن المصلِّي قد احتجب منه بما يقدر عليه، وهذا كما يمنع الشيطان من فتح الباب المغلق [٤٧٣] وكشف الإناء المغطَّى ولو بعودٍ معروضٍ عليه.
والقانون في هذا أن العبد إذا فعل ما يقدر عليه وتوكَّل على الله عزَّ وجلَّ كفاه الله تعالى ما لا يقدر عليه، فأما إذا قصَّر فيما يقدر عليه فلا حقَّ له أن يُكفَى، فالعبد يستطيع أن يغطِّي إناءه ولو بعَرْض عُودٍ عليه، فيكون بهذا قد فعل ما يقدر عليه مما فيه دفعٌ ما للشيطان، وإن كان بحسب العادة لا يكفي
(١) صحيح مسلمٍ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب إسلام عمرو بن عَبَسَة، ٢/ ٢٠٩، ح ٨٣٢. [المؤلف]