فمن هذا: خضوع المسلمين وتعظيمهم لربِّهم عزَّ وجلَّ، ومنه: تعظيم المشركين للأصنام والناس والكواكب وأرواح الموتى والملائكة وغير ذلك.
[٤٧٩] ويمكن اندراج الأمر الأوَّل في الثاني؛ لأن الطاعة خضوعٌ وتعظيمٌ.
ثم نقول: الخضوع والتعظيم على سبيل التديُّن، إما أن يكون أنزل الله تعالى به سلطانًا أو لا، فما أنزل الله تعالى به سلطانًا فهو عبادةٌ له عزَّ وجلَّ وحده لا شريك له، وإن كان في الصورة لغيره، كطاعة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وطاعة المسلمين أولي الأمر منهم فيما يتعلَّق بمصالحهم ولا يخالف الشريعة، وطاعة الأبوين فيما لا يخالف الشريعة.
وكذلك توجُّه المسلمين في صلاتهم إلى جهة القبلة، وحجُّهم البيت والطواف به واستلام الركن، وغير ذلك.
وكذلك إكرامهم نبيَّهم - صلى الله عليه وسلم - على الوجه الذي رَضِيَه لهم وأقرَّهم عليه، وإكرام الصالحين والوالدين والعلماء وغيرهم على الوجه الذي ثبت في الشريعة الأمرُ أو الإذنُ به، فكلُّ هذا طاعةٌ وتعظيمٌ لله عزَّ وجلَّ.
ومما أنزل الله تعالى به سلطانًا ما كان مما يقطع به العقلُ الصريحُ, كاعتقاد وجوده [٤٨٠] عزَّ وجلَّ، واتِّصافه بصفات الكمال، وتنزُّهه عن النقائص، ونحو ذلك؛ فإن العقل الصريح سلطانٌ من الله عزَّ وجلَّ، وإنما الشأن كلُّ الشأن في التمييز بين العقل الصريح وبين التوهُّم المستحوذ على