للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى مسلمٌ في صحيحه عن ربيعة بن كعبٍ: كنتُ أبيتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته بوَضوئه وحاجته، فقال لي: «سل»، فقلتُ: أسألك مرافقتك في الجنَّة، قال: «أوْ غيرَ ذلك؟ » قلتُ: هو ذاك، قال: «فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود»، الحديث في صحيح مسلمٍ هكذا مختصرًا (١).

وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢) مطوَّلًا، وفيه: فقلت: يا رسول الله: «اشفع لي إلى ربِّك عزَّ وجلَّ فلْيُعتقني من النار».

وفي روايةٍ أخرى: أسألك يا رسول الله أن تشفع لي إلى ربِّك فيعتقني من النار. وفيه: فقال: «إني فاعلٌ، فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود».

فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يكافئ ربيعة لخدمته إيَّاه، فأمره بسؤال حاجته، فسأله الدعاء له بمرافقته في الجنَّة أو بالإعتاق من النار، فكأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تردَّد في استحقاق ربيعة للمرافقة حينئذٍ، فقال له: «أوْ غير ذلك»، أي: سلْ شيئًا [٥١٦] غير ذلك، فلما أبى، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إني فاعلٌ، فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود»، أي: حتى تستحقَّ ذلك أو تقارب الاستحقاق، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يدعو لأحدٍ بما لا يستحقُّه أصلًا وإن سأله؛ فقد رُوِي أن قاتلًا سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر له، فقال: «لا غفر الله لك» (٣).


(١) كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحثِّ عليه، ٢/ ٥٢، ح ٤٨٩. [المؤلف]
(٢) ٤/ ٥٩. [المؤلف]
(٣) أخرجه الطبريُّ ٧/ ٣٥٣، من طريق ابن إسحاق عن نافعٍ عن ابن عمر. وفي إسناده: سفيان بن وكيعٍ، وهو ضعيفٌ. وأخرجه ــ بمعناه ــ أبو داود في كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، ٤/ ١٧١ - ١٧٢، ح ٤٥٠٣. وأحمد ٥/ ١١٢ و ٦/ ١٠، وابن أبي شيبة في كتاب المغازي، حديث عبد الله بن أبي حدردٍ الأسلميِّ، ٢٠/ ٥٥٣ - ٥٥٥، ح ٣٨١٦٨. وابن الجارود (غوث المكدود)، بابٌ في الديات، ٣/ ٩٢ - ٩٣، ح ٧٧٧. والطبرانيُّ ٦/ ٤١ - ٤٢، ح ٥٤٥٥، والبيهقيُّ في كتاب السير، باب المشركون يسلمون قبل الأسر ... ، ٩/ ١١٦ وغيرهم، من طرقٍ عن ابن إسحاق وعن عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر بن الزبير عن زياد بن سعد بن ضميرة عن أبيه. قال الحافظ ابن حجرٍ في الإصابة ٤/ ٢٧١: «إسناده حسنٌ»، مع أن فيه زياد بن سعدٍ، الذي قال عنه في التقريب: «مقبول». ولذلك ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود.