للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلُ، وقول امرئ القيس:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي (١)

وقول المستعجل للَّيل: اغرُبي يا شمس، ونحو ذلك، فليس من الدعاء في شيء، والله أعلم.

ورأيت في بعض الكتب حكايةً عن أبي بكر بن عيَّاشٍ القارئ المشهور أنه كان يقول: «يا ملائكتي (٢) قد طالت صحبتي لكما، فإن كان لكما شفاعةٌ عند الله تعالى فاشفعا لي» (٣). ولا أرى ذلك يصحُّ عنه، ولو صحَّ لم يكن حجَّة، [٥٦٤] ولا يلزم من ذلك شناعة عليه، وإنما الشناعة على مَن قامت عليه الحجة فأصرّ, أو وقع في نفسه تردُّدٌ فلم يحتط لنفسه. وأما مَن رأى أنَّ عنده سلطانًا من الله تعالى ولم يقصّر في النظر ولا خطر له أنَّ ترْك ذلك الفعل هو الأحوط فقد قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [آخر البقرة] , وقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧].

وقد اتَّفق العلماء على تكفير مَنْ أنكر آية من القرآن، أو زاد فيه ما ليس منه، ومع ذلك فقد قال بعضُ الصحابة رضي الله عنهم: إنَّ المعوذتين ليستا من القرآن (٤) , فلم يكفِّره غيره من الصحابة بأنه أنكر آية من القرآن، ولا كَفَّرَ


(١) انظر: ديوانه ١٨.
(٢) في الحلية: «يا ملَكيَّ» على الجادَّة.
(٣) هذه الحكاية أوردها ابن الجوزيِّ في صفة الصفوة (٣/ ١٦٥). وروى أبو نُعَيمٍ في الحلية (٨/ ٣٠٣) معناها باختصارٍ، وفي إسنادها: عمر بن بحرٍ الأسديُّ، ترجم له ابن عساكر (٤٣/ ٥٤٥)، ولم يذكر ما يفيد توثيقه.
(٤) ورد ذلك عن ابن مسعود؛ فقد أخرج البخاري من طريق عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش قال: سألت أبي بن كعب، قلت: أبا المنذر، إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا ... ولابن حبان من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر, قال: لقيت أبي بن كعب فقلت له: إن ابن مسعود كان يحك المعوذتين من المصاحف, ويقول: إنهما ليستا من القرآن فلا تجعلوا فيه ما ليس منه. انظر: صحيح البخاري, كتاب التفسير, سورة (قل أعوذ برب الناس) , ٦/ ١٨١, ح ٤٩٧٧. صحيح ابن حبان (الإحسان) , كتاب الحدود, باب الزنى وحدّه, ذكر الأمر بالرجم للمحصنَين إذا زنيا ... , ١٠/ ٢٧٤, ح ٤٤٢٩.