للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} [الأعراف: ١٨٩ - ١٩٢].

أخرج ابن جرير وغيره عن ابن عبَّاسٍ وسمرة بن جندبٍ ومجاهدٍ وسعيد بن جُبيرٍ وعكرمة وقتادة والسُّدِّي ما حاصله: أنَّ المراد بالنفس الواحدة /وزوجها آدم وحوَّاء، وأن إبليس تمثَّل لحوَّاء لما حملت فخوَّفها أن يقتلها ما في بطنها أو أن يكون بهيمة أو أن يولد ميِّتًا وأنها إن سمَّته عبد الحارث وُلِدَ صالحًا وعاش (١).

وفي الرواية عن السُّدِّي أنه كان يقول لها: سمِّيه عبدي وإلَّا قتلته, فأَبَيَا فمات, ثم حملت الثانية، فكذلك، ثم حملت الثالثة، فقال: إن أبيتما فسمِّياه عبد الحارث, فأطاعاه.

وفي أكثر الروايات: فأشركا في الاسم ولم يشركا في العبادة.

وقد أنكر جمهور المحقِّقين هذه القصة؛ لأن سياق الآيات يخالفها، ولأنَّ فيها نسبة الشرك إلى صَفِيِّ الله آدم عليه السلام.

وأمَّا قول من قال: إنه شرك في الاسم لا في العبادة, ففيه نظر؛ لأن سياق الآيات ظاهر في أنَّه الشرك الأكبر، والمقصود هنا النظر في تلك القصة ليفهم معنى قولهم: أَشْرَكَا في الاسم ولم يُشْرِكَا في العبادة.

فأقول: اعلم أنَّ التسمية بعبد الله وعبد الرحمن وعبد المسيح وعبد العزى وأشباهها قُصد بها تعظيم يطلب به نفع غيبي فهي عبادة حتمًا.


(١) انظر: تفسير ابن جرير ١٠/ ٦٢٣ - ٦٢٨، الدر المنثور ٣/ ٦٢٣ وما بعدها.